ماذا سيفعل الحريري مع حزب الله؟

لقاء مفصلي جمع الرئيس سعد الحريري بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جرى خلاله البحث في التطورات في المنطقة، وفي إمكانية البحث عن مخرج من الأزمة الحالية. شكر الحريري لماكرون مساعيه، فيما شدد الرئيس الفرنسي على وجوب تجنيب لبنان عن التجاذبات الدولية والإقليمية. وأبلغ الحريري أن المسعى الفرنسي سيستمر لأجل الوصول إلى تسوية ترضي الجميع. وهذا ما ستعمل عليه فرنسا من خلال عقد لقاء لسفراء مجموعة الدعم الدولية.

الكلام المقتضب للحريري بعد اللقاء، يشير إلى أنه لا يزال يفتح باب الحوار مع الأفرقاء اللبنانيين، للوصول إلى تسوية جديدة، على قاعدة شروط جديدة. وهذا ما اكده حين قال إنه عائد إلى لبنان وسيحضر احتفال عيد الاستقلال. أما في ما يخص المواقف السياسية، فاعتبر أنه سيحددها بعد لقائه مع الرئيس ميشال عون. يعني هذا الكلام، أن الحريري يرمي الكرة مجدداً في ملعب رئيس الجمهورية وحزب الله، ويقول لهما إنه غير قادر على التحمّل أكثر وعلى تقديم مزيد من التنازلات. وهو تحمّل هذا الوضع سنة كاملة. أما اليوم فعليهما تقديم تنازلات لأجل الشروع في تشكيل حكومة جديدة على قاعدة جديدة.

لا شك أن ذلك سيأخذ كثيراً من الجدل والنقاشات، ليبقى السؤال ملقياً على عاتق حزب الله، وما يمكن أن يقدّمه من تنازلات. يعتبر البعض أنه قد يقدّم تنازلات شكلية وليست جوهرية، مقابل حرصه على تشكيل الحكومة واستمرار الغطاء الرسمي الذي يتمتع به، بالإضافة إلى ضمان حصول الانتخابات النيابية التي يراهن عليها لتأمين الأغلبية. فيما هناك من يعتبر أن الحزب قد لا يقدّم أي تنازلات لأنه يجد نفسه منتصراً في الإقليم فيما السعودية هي التي تراكم الخسائر وتريد التصعيد في لبنان لأجل التعويض عن الميادين الأخرى.

ولكن، ما هي التنازلات التي يريدها الحريري، أو التي يمكن تقديمها لأجل أن يستمر في التسوية؟ لا جواب واضحاً بعد. لكن الأكيد أنه يريد تحصيل مواقف تتعلق بتغيير سلوك حزب الله الإقليمي، فهل الحزب مستعد لذلك؟ هذا مستبعد حتى الساعة، خصوصاً أن الحزب وإيران لا يمكنهما تقديم أي تنازلات في اليمن، بل إن إيران تريد استمرار الاستثمار بهذه الورقة التي تشكّل عامل استنزاف للسعودية. لا يمكن للحريري أن يحقق أي خرق أو يأتي ضغطه بأي نتيجة، ما لم يكن مترافقاً مع تصعيد بوجه إيران والحزب من جانب القوى الدولية. وهذا ما سيعزز موقفه في الداخل.

تعدّت القضية الشؤون اللبنانية. البحث عن مخرج أو تسوية للأزمة سيطول، وهو سيكون، إلى جانب الوضع الدولي، مرتبطاً بما ستخرج به مقررات مجلس وزراء الخارجية العرب، والذي حتى لو لم يخرج بموقف حاسم، أو توجهات واضحة متفق عليها بين الدول، إلا أن لهجة السعودية ودول الخليج في هذا الاجتماع ستكون كافية لتوضيح مسار المرحلة المقبلة، فيما هناك إشارات تدلّ على أن التصعيد الخارجي سيبقى مستمراً بمعزل عن المشاورات التي ستطول في الداخل.

سيعود الحريري إلى بيروت. سيخبر رئيس الجمهورية بما لديه من معطيات وتحفظات، وسيعلمه بالأسرار التي قال إنه سيخبره بها. بعدها، سيلتقي مختلف القيادات اللبنانية، للتشاور والبحث في ما يمكن فعله، لمواكبة المرحلة. وربما سيجري جولة خارجية على عدد من الدول لتجميع المعطيات، ويتخذ الموقف الملائم بناء عليها. فيما تشير مصادر متابعة إلى أن الأساس في مشاورات الحريري داخل لبنان، ستنطلق من ورقة الحلّ الفرنسية، والتي تقوم على حماية الاستقرار، وإبعاد لبنان عن التجاذبات الإقليمية والدولية، مقابل تغيير نشاط حزب الله في الخارج، ووقفه. وهذا يحتاج إلى جولات كبرى من المفاوضات، لا يمكن إنجازها بدون تدخّل دولي، وتغير عوامل دولية.

المصدر : منير الربيع – المدن

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى