مبادرة بري تراوح مكانها.. الأجوبة المنتظرة تصل اليوم والخطوات المقبلة تتحضر

احتلت الملفات الحياتية والمالية والنقدية الاهتمام الرسمي والشعبي أمس في موازاة استمرار الجمود على صعيد تأليف الحكومة. فقد سلكت أزمة الكهرباء طريقها إلى الحل الموقت بالتوازي مع إقرار لجنة المال مشروع قانون الكابيتال كونترول تمهيداً لعرضه على الهيئة العامة في المجلس النيابي لإقراره. أما في الشق السياسي، فقد عاد التصعيد الى الواجهة بين فريقي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، وعاد التراشق بحرب البيانات والاتهامات، في وقت تتجه الأنظار اليوم إلى إطلالة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لتلمّس رسائله في أكثر من اتجاه لا سيما باتجاه “التيار الوطني الحر” بعد وضع رئيسه جبران باسيل العصيّ في دواليب مبادرة “عين التينة”. لكن وعشية كلمة نصرالله، استرعت الانتباه “رسائل نارية” استباقية من باسيل، سددت ضربات “تحت الزنار” لـ”حزب الله” من خلال إضاءتها على عدم جواز بقاء سلاحه خارجاً عن المؤسسات الشرعية، وذلك بالتزامن مع تصويب القيادي في “التيار الوطني الحر” ناجي حايك على الحزب واصفاً إياه بأنه “شيطان أخرس” يقف إلى جانب رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف سعد الحريري على حساب تحالفه مع “التيار الوطني”.

مساعي بري مستمرة… ولكن!
اذا، لا يزال الملف الحكومي يراوح مكانه، فعلى الرغم من الحديث عن ان مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري باتت في حكم المنتهية، علمت “اللواء” ان الاتصالات التي يقوم بها الرئيس بري وبتنسيق مع حزب الله ومع البطريرك بشارة الراعي وبدعم فرنسي علني وواضح، تجري بتكتم شديد بإجماع اوساط بعبدا وعين التينة وبيت الوسط، ما يعني ان الانتظار ما زال سيد الموقف لحين تبيان نتائج هذه الاتصالات. فيما قالت اوساط الرئيس سعد الحريري، انه ابلغ جميع الاطراف انه قام بكل واقصى ما يمكنه القيام به “ويللي علينا عملناه” وكل الاطراف سلّمت بذلك.

ويُعقد لقاء اليوم بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل والنائب علي حسن خليل، بحضور رئيس لجنة الارتباط في حزب الله وفيق صفا. وفي المعلومات أن باسيل ينتظر أن يحمل اليه “الخليلان” اليوم جواباً من الرئيس المكلف سعد الحريري على اقتراحه الاتفاق على صيغة لحل معضلة تسمية الوزيرين المسيحيين، بطريقة لا يُحسبان فيها على أيّ من رئيسي الجمهورية والحكومة، وأنه يمكن اختيارهما من موظفي الإدارة أو من وجوه المجتمع المدني.

وفي حين، أكدت مصادر تواكب المسار الحكومي المتعثر أن ثنائي حزب الله وحركة أمل الواقف وراء مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، لم يصل إلى اليأس من إمكانية إحداث اختراق في جدار الأزمة، وهو لا يزال يملك الصبر اللازم لمواصلة مساعيه للتهدئة أولاً ولعودة البحث بالمخارج ثانياً، شددت مصادر قريبة من التيار الوطني الحر لـ”الأخبار” أن “اللعبة انتهت، ولم يعد في إمكان الحريري التسويف أكثر، خصوصاً أنه منذ خطابه في مجلس النواب انكشف أنه لا يرغب في تأليف الحكومة”، وعليه رجّحت “بعدما فقد الحريري غطاءه الفرنسي والسعودي أن نكون أمام أسبوع حاسم يعتذر فيه الحريري عن التأليف أو يؤلّف. أكيد ما فينا نكفي هيك”، من دون أن تستبعد إمكان أن يعمد الحريري الى التأليف لأن “خسائره تبقى أقل من خسائر الاعتذار”.

وخلافاً لهذه الأجواء الإيجابية، أكدت مصادر في 8 آذار أن “لا جديد منذ زيارة الخليلين لباسيل قبل ثلاثة أيام”، مشيرة الى أن باسيل متمسك بمطالبه، ولا يخفي عدم رغبته في بقاء الحريري على رأس الحكومة”، فيما الأخير، بحسب المصادر نفسها، “لم يعد قادراً على إخفاء انه لا يريد التأليف، وهو ربما لو أُعطي تسمية الوزيرين الجديدين فقد يخترع ذريعة جديدة”. وقالت المصادر إن المبادرة الفرنسية انتهت عملياً، وليس في الميدان إلا مبادرة الرئيس بري التي وصلت الى طريق مسدود، لكنها تبقى في التداول لإبقاء بعض الأمل وتأخير الانهيار الشامل. ورجّحت في حال استمرار الاستعصاء أن تمر أشهر أخرى من الفراغ الحكومي قبل أن تتحول حكومة حسان دياب الى حكومة انتخابات.

مصادر حركة أمل، أكدت عدم تبلغها أي خرق من أي جهة كانت. وتقاطعت أوساط رئيس الجمهورية مع هذه الأجواء، ولا سيما أن المهلة التي مدّدها بري مرتين اقتربت من الانتهاء من دون الحصول على أي جواب من الحريري”، في حين ينتظر ان يتبلغ الرئيس بري جواب باسيل اليوم. وأكدت أن عون “بات قاب قوسين من تنفيذ خطوته التالية” بعد سقوط مبادرة بري، فيما كانت لافتة زيارة النائب فيصل كرامي الى قصر بعبدا أمس، والتي جرى خلالها التداول بالوضع السياسي الى جانب بعض المطالب الاقتصادية لمدينة طرابلس.

وسط هذه الأجواء، لفتت أوساط سياسي الى أن ما من افق لأي مساعدات إلى لبنان قبل بلورة الصورة عن تأليف الحكومة. وهنا اشارت الى ان ثمة قناعة أن تقطيعا للوقت يتم لتكون الحكومة الجديدة حكومة انتخابات. وهذه المسألة ليس مبتوت بها لدى البعض وربما المواقف السياسية المرتقبة في الأيام المقبلة من شأنها أن تشكل مؤشرا للمرحلة المقبلة ولا سيما ما يتعلق بالملف الحكومي برمته.

وعليه تشير المعلومات الى ان الرئيس الحريري لن يبقى صامتاً إلى ما لا نهاية، وانه سيجري مشاورات مع الرئيس برّي قبل الاقدام على أية خطوة، لا سيما الاعتذار عن تأليف الحكومة، حتى لا تبقى رئاسة الحكومة خارج التأثير، ولا يتحمل مسؤولية الانهيار الحاصل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى