محمَّد عاد ‘جثماناً’ من ألمانيا إلى التُّراب.. وعائلته: ‘راح الغالي’!

عاد الشاب محمّد الرفاعي (27 عاماً) إلى عائلته من مغتربه الألماني ليل أمس الأربعاء، لكنّه عاد جثماناً، لا روح فيه ولا حياة، عاد إلى لبنان الوطن الذي هجّره قسراً منذ سنتين عبر ما سمّي وقتها “قوارب الموت” إلى ألمانيا، آملاً يومها بحياة كريمة تشعره بإنسانيته التي افتقدها في بلده الأم.

توفّي محمّد منذ حوالى العشرة أيام نتيجة المرض الذي استحكم به، ولم تعرف عائلته بالخبر إلا بعد 3 أيام حين أبلغ أصدقاؤه شقيقه عبد الله الموجود أيضاً في ألمانيا بالخبر، فانتقل إلى المنطقة التي يتواجد بها وهو يبعد عنها مسافة تتجاوز الـ 500 كلم، إذ لم يصدّق النّبأ في البداية حتّى تأكّد بنفسه. وهنا بدأت الإجراءات لنقل الجثمان لدفنه في لبنان حيث بادر العديد من اللّبنانيين في ألمانيا إلى المساعدة في دفع التّكاليف الباهظة لنقل الجثمان.

ومن حسن الحظ أنّ الإجراءات لم تأخذ وقتاً طويلاً بحسب ما أوضح عبد الله لـ”لبنان 24″، حيث قام عدد من اللّبنانيين المقيمين في ألمانيا بالمساعدة لتسريع الإجراءات وإعادة الجثمان إلى لبنان عبر طيران الشّحن التركي، ليصلَ في تمام الـ 11:25 من ليل أمس الأربعاء إلى مطار “رفيق الحريري الدّولي” – بيروت، حيث تسلّمته العائلة ونقلته فجراً إلى منزلهم الكائن في طرابلس.

ونفى عبدالله كلّ ما قيل عن أنّه كان على لوح خشبي في كنيسة، مشيراً إلى أنّه “كان في المكان الذي وضع فيه في البراد، وقد أخرجوه من البراد حين وصلت لأراه”، لكنّه أكّد أنّ محمّد بقي 3 أيام خارج البراد لأنّه لم يكن قد عُلمَ بعد بخبر وفاته.

وقد وُوريَ جثمان محمّد صباح اليوم الثرى في بلدته القرنة – عكّار، وسط حزنٍ شديد عمَّ البلدة والأهل والأصدقاء الذين لم يصدّقوا الخبر حتّى اللَّحظة.

شقيقة محمّد المفجوعة برحيل “الغالي” توضح أنّ “أحداً في لبنان لم يردّ علينا ولم يتحرّك، بل كانوا يقولون لنا إنّ إكرام الميّت دفنه، وبالتالي فليدفن في ألمانيا”.

وتضيف: “كلّ السياسيين في لبنان يتحمّلون مسؤولية وفاة أخي، فبسببهم هاجر عبر قوارب الموت، ومات بعيداً عنّا وكسر قلبنا، “راح الغالي” ولكن الحمد لله على كلّ شيء”.

حكاية محمّد هي واحدة من حكايات تبدأ ولا تنتهي لشباب لبنانيِّين وُضعوا أمام خيارين أحلاهما مرّ، فإمّا أن يبقوا في وطنهم يرزحون تحت وطأة الفقر والذلِّ والاستعباد، وإمّا الهجرة بطرق فيها الكثير من المخاطرة والمغامرة يدفعون من خلالها أثماناً غالية جداً، كما محمّد الذي كبّده هذا الرحيل حياته بعيداً عن عائلته.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى