‘مرحلة الإنقاذ الفعلي لم تدقّ ساعتها بعد’.. ولهذا السبب انسحب الحريري من ترؤس الحكومة!

اليوم تُفتح «علبةُ الأسرارِ» ويُفرج عن اسم رئيس الحكومة في يوم ماراثوني من الاستشارات النيابية المُلْزِمة التي شكّل قوةَ «الضغط على زرّ» إجرائها «العرّابُ الرئاسي» الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يتولى منذ انفجار مرفأ بيروت في 4 اغسطس الجاري، قيادةَ مهمةِ وقف غرق «التايتنيك» اللبنانية التي تُلاطِم الأمواج العاتية الإقليمية وواقعَ الانهيار المالي – الاقتصادي الذي يُسابِق أسوأ السيناريوهات الاجتماعية – المعيشية.

وعلى طريقة «المكتوب يُقرأ من عنوانه»، سيكون الاسمُ الذي سيُعلن في الدقائق الأولى من الاستشارات «الفائزَ» الذي يفترض أن تكون هنْدسةُ الطريق إلى تسميته التي لم تكن سهلةً تمّت في «ليلة القبض على التكليف» الذي أديرت المحركاتُ السياسية الداخلية بكل طاقاتها لاستيلاده بدفعٍ من حركة الاتصالاتِ الخارجية التي تولاها ماكرون شخصياً، حتى بدا كأنه يضع ثقله الديبلوماسي ورصيد دولته في ميزان «الربح والخسارة» في سعيه إلى مدّ جسرِ عبورِ لـ «بلاد الأرز» فوق «حقول النار» المحلية والإقليمية، ولو إلى ما يشبه الـ pit stop في سياق السباق اللبناني المفتوح مع الأزمات والذي لن يُرسم خط النهاية «الخاتمة» له إلا مع اكتمال فصول حرب ترسيم النفوذ الطاحنة في المنطقة وحولها.

ولأن ماكرون الذي يصل إلى بيروت مساء اليوم، وَضَع «كل بيضه في السلّة» اللبنانية، تتفادى الأطراف الوازنة محلياً ترْكه يخرج بـ «سلّة فارغة» أقلّه من تكليف رئيسٍ لحكومةٍ لا يُراهَن أن تكون وظيفتها، إذا وُلدت قريباً، أبعد من عملية مدّ البلاد بجرعة أوكسيجين «لا تقتل» مسار الضغط الأقصى الذي راكَمه الأميركيون على «حزب الله»، وفي الوقت نفسه تسمح للبنان بالتقاط الأنفاس ومحاولة تَلافي كوابيس يزداد التحذير منها بمكبرات الصوت وآخَرها إعلان «إسكوا»، أنه «بعد الانفجار الهائل الذي دمر جزءاً كبيراً من مرفأ بيروت، وانهيار قيمة العملة بمقدار 78 في المئة وتدابير الإقفال التي اتخذت لاحتواء جائحة كوفيد – 19، والارتفاع الحاد في معدلات الفقر والبطالة، قد يتعذّر على نصف سكان لبنان الوصول إلى حاجاتهم الغذائية الأساسية بحلول نهاية العام».

وحتى إشعار آخَر، بقيتْ أوساطٌ سياسية على هذه المقاربة للدينامية المستجدة على جبهة تشكيل الحكومة، مع الإبقاء على التشاؤم حيال إمكان أن تكون الحركةُ الحثيثة التي بلغت حدّ تكثيف ماكرون «ديبلوماسية السمّاعة» مع بيروت لضمانِ نجاحِ الاستشارات في الخروج باسم رئيس للحكومة، من ضمن package deal شَمَلَ تَوافُقاً على هيكل الحكومة، التي تريد باريس أن «تنأى» عنها الأحزاب التي يصعب تَصَوُّر أن تتخلى غالبيّتها عن محاولةِ حماية «أحجامها» في السلطة والابتعاد عن محاصصة يُخشى أن تطلّ برأسها مجدداً من بوابة شعار «حكومة متوافَق عليها» و«مدعومة من الجميع»، ولكل منهم ولا سيما أفرقاء الائتلاف الحاكم اعتباراتٌ تراوح بين الاستراتيجي (حزب الله) والسلطوي (فريق الرئيس ميشال عون).

واعتبرتْ الأوساطُ أن حرص الرئيس سعد الحريري بالتوافق مع رؤساء الحكومة السابقين على تسمية شخصية من غير الحلقة اللصيقة به، يتجاوز خشيته من توريطه بجعْله «مسؤولاً» عن الحكومة، إلى استشعارٍ بأن مرحلة الإنقاذ الفعلي لم تدقّ ساعتها بعد لاعتباراتٍ لن تتضح مآلاتها قبل الانتخابات الأميركية، وهو المعطى الذي جَعَل الحريري ينسحب من ترؤس الحكومة الجديدة.

المصدر : الراي

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى