مشاهد إقفال السوبرماركات في وجه اللبنانيين تذكّرهم بأيام الحروب | فما هي أسباب الإقفال وهل بدأت المواد الغذائية والاستهلاكية بالنفاذ حقا؟ !

منذ أشهر، تذكّر ال​لبنان​يون أيام الحروب، مع موجة صعوبة الحصول على المواد الغذائية، وغلاء العديد من الأصناف بالسوق، بسبب ارتفاع سعر صرف ​الدولار​ مقابل ​الليرة اللبنانية​. في بداية العام 2020، تهافت الناس على السوبرماركات للتموين، خوفا من إنقطاع المواد الغذائية، واليوم يتكرر نفس المشهد، ولكن مع اختلافات بسيطة.

في الأيام الماضية من هذا الأسبوع، أقفلت بعض السوبرماركات أبوابها، وفُقدت المواد الغذائية والاستهلاكيّة عن رفوف عدد من تلك التي لم تُقفل، فشعر ​اللبنانيون​ أن ​الأزمة​ قادمة، وعليهم واجب التموين مجددا، ولكن هذه المرة اصطدموا بأمرين، الأول، ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، والثاني، قرارات أصحاب السوبرماركات بمنع الفرد الواحد من الحصول على كميات كبيرة من المواد الغذائية، وتحديدا كميات من نوع واحد، وبالتالي أصبحنا نعاني من “الفود كونترول” بعد “الكابيتال كونترول”.

وفي هذا السياق يشير احمد بدران صاحب سوبرماركات في منطقة ​الجنوب​، اعتمدت على هذه الطريقة، الى أن الهدف منها هو حصول أكبر عدد ممكن من اللبنانيين على المواد الغذائية المتوفرة، خصوصا في ​شهر رمضان​ حيث يحتاج كل فرد الى الغذاء بشكل كامل، مشددا عبر “النشرة” على أن قراره كان بعدم حصول المواطن على أكثر من عبوتين من أي صنف.

ويضيف: “اليوم باتت فروقات الأسعار بين أنواع المواد الغذائية كبيرة، وبالتالي يتوجه الناس نحو تلك التي لا تزال أسعارها معقولة، ما يجعل استهلاك هذه الانواع مرتفعا جدا وفقدانها من الأسواق أسهل، فتبقى تلك المواد الغذائية المرتفعة السعر والتي لا يمكن للجميع شراءها مكدّسة في السوبرماركات والمستودعات، لذلك كان قرارنا بمنع الحصول على كميات كبيرة للفرد الواحد او العائلة الواحدة، لنساهم ولو بشكل طفيف بتوزيع الكميات على أكبر فئة ممكنة”.

إن قرار منع الحصول على كميات كبيرة للشخص الواحد بات يُعتمد في أغلب سوبرماركات لبنان، لأهداف واضحة، وهي تشبه منع الاحتكار، لضمان وصول المواد الغذائية لكل منزل، والخرق لهذا القرار يكون بحالة “إعداد حصص غذائية”، وفي هذه الحالة يمكن لهذه الفئة او تلك تعبئة الحصص بمساعدة العاملين في السوبرماركت، وهذا الامر بات يحصل بشكل شبه يومي في أكبر السوبرماركات في لبنان، ولكن لهذا الامر سلبياته أيضا، اذ أحيانا تحتاج الأسرة الى كميات اكثر من تلك المحدّدة للفرد، وهذا ما يجعلها غير مكتفية بما تحصل عليه.

أما بالنسبة الى نقيب السوبرماركات في لبنان ​نبيل فهد​، فيؤكد انه ما من قرار رسمي من النقابة باعتماد هذا الإجراء، والأمر يعود الى تقدير أصحاب السوبرماركات بحسب المنطقة والزبائن والأصناف، مشيرا الى أن الهدف منها ليس إزعاج الزبون بقدر ما هو السماح لأكبر عدد ممكن من الناس أن تحصل على كل ما تحتاجه.

ويضيف فهد في حديث لـ”النشرة”: “أحيانا يُفقد مخزون السوبرماركت من صنف معين خلال ساعة واحدة، وهذا ما دفع البعض لاتخاذ قرار كهذا لأجل التوزيع العادل على كل الزبائن”.

أما بالنسبة الى سبب إقفال بعض السوبرماركات بداية الأسبوع الحالي، او فراغ رفوف بعضها الآخر، فيشير فهد الى أن هجوما غير مسبوق على الشراء حصل يومي الجمعة والسبت الماضيين بسبب خوف الناس، الأمر الذي أفرغ مخزون بعضها، ما جعلها تطلب ​بضائع​ جديدة السبت أو الإثنين، وبالتالي فإن وصولها إليها كان الثلاثاء او الأربعاء بحسب جدول أعمال الموردين، مشددا على أن مشكلة الحصول على الدولار التي تواجه التجّار ستنعكس على المخزون خلال أسبوعين الى شهر، بحال لم تُحلّ المشكلة.

يواجه تجّار المواد الغذائيّة صعوبة كبيرة بالحصول على الدولار من الأسواق، ما يجعل طلبات الاستيراد تتأخر، الامر الذي يُضاف الى تعثر عمليات الإنتاج ودورته في الدول المصدرة، ما يعني مزيدا من التأخير في وصول ما يحتاجه لبنان. وفي هذا السياق يؤكد فهد ضرورة تنفيذ ما تحدث عنه حاكم ​مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​ بشأن الدولارات لاستيراد المواد الغذائيّة، قبل حصول الضرر.

يعتمد أغلب الموردين داخل لبنان على التسعير بالليرة اللبنانية، لذلك لا تتبدل أسعار المواد الغذائيّة بشكل يومي، كما يحصل مع الحبوب والدخان، لأن تسعيرهما يتم وفق الدولار، ولكن ليس ارتفاع الأسعار الخطر الوحيد الذي ينتظرنا بالأيام المقبلة، بل فقدان بعض السلع بحال لم يتم إيجاد حلول سريعة لمسألة تمويل الاستيراد.

المصدر : محمد علوش – النشرة

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى