منار (17 سنة) تحدت الجميع ونجحت: طموحي لن يقف عند الثانوية العامة رغم بتر أطرافي ووفاة والدتي….

في تلك الزاوية تجلس منار تتبادل الحديث مع صديقاتها؛ لتعلو ضحكاتها بين الجميع بطريقة جميلة تلفت الأنظار إليها؛ لتجد نفسك تتابع حركاتها وكل تفاصيل وجهها بحركات رشيقة بسيطة.

منار الشنباري، ذات السبعة عشر ربيعاً، من سكان بيت حانون، أُصيبت ببتر لقدميها خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014، كما فقدت والدتها وزوجة والدها خلال استهداف مدرسة تابعة لوكالة الغوث الدولية “الأونروا” في بيت حانون التي كانت تؤويهم خلال العدوان.

تقول منار: “كنا في ساحة المدرسة نحاول الهرب من الطيران الإسرائيلي وصواريخه التي كانت تلاحقنا في كل مكان نذهب إليه، لكن الوقت لم يسعفنا، فكانت صواريخ الموت أسرع من لمح البصر، حتى فقدت ثلاثة من عائلتي الكبيرة، كنا تركنا منزلنا خوفاً من الموت الذي أتعبنا بملاحقته لنا؛ لنحتمي بمكان آمن، ولكننا لم نكن نعلم أن الموت يتربص بنا”.

وتضيف: “فقدت والدي خلل حادث سير قبل عدة سنوات، وقضيت حياتي يتيمة الأب إلى أن أصبحت يتيمة الأم أيضاً”.

منار التي خضعت للعديد من العمليات الجراحية داخل قطاع غزة وخارجه، والتي عانت مشاكل نفسية صعبة نتيجة خضوعها للعلاج المستمر تحت ظروف اقتصادية صعبة جداً.

توضح منار: “أجريت الكثير من العمليات حتى أصبحت على يقين أنني لن أعيش يوماً بدون العلاج الملازم لي، أو العمليات الجراحية التي أجريها بين الفترة والأخرى، سافرت إلى الأردن لتركيب أطراف صناعية حتى أستطيع ممارسة حياتي بشكل طبيعي وبدون مساعدة أحد”.
وتضيف: “آخر عملية خضعت لها كانت خلال دراستي للثانوية العامة، ففي منتصف العام الدراسي أُجبرت على العودة إلى المملكة الأردنية مرة أخرى للتأكد من صحة وسلامة الأطراف التي حصلت عليها، فكنت وقتها أعاني من جروح عميقة والتهابات كثيرة عند مفصل القدم نتيجة عدم تركيبها بشكل سليم”.

وتوضح “برغم عدم التزامي بالدراسة بالشكل المطلوب مني؛ نظراً للظروف التي مررت بها، لكنني لم أهملها وكنت دائماً أتابع مع زميلاتي في المدرسة، وأطلب من شقيقتي التي أقطن لديها أن تطلعني على كل ما هو جديد في دروسي، وكنت أجاري مذاكرتي بنفسي وإن استصعبت من شيء كنت أبحث عن شخص يساعدني في فهمها”.

حصلت منار على معدل 62% في الثانوية العامة، ولكنها تعتبر النتيجة غير مرضية لتلبية طموحها مقارنة بالسنوات السابقة لدراستها، ولكن ما حدث معها لم يعطِها الأمل بأن تحصل على نتيجة جيدة.

تقول منار: “شقيقتي الكبرى مرام هيأت لي الأجواء المناسبة للدراسة والتحصيل العلمي، وحاولت جاهدة تلبية جميع احتياجاتي، ومساعدتي في شرح الدروس الصعبة التي كانت تشرح في المدرسة، بالإضافة إلى مساعدة صديقاتى بنقل وشرح الدروس التي لم أتواجد بها؛ نظراً لظروف سفري إلى الأردن”.

تعاني منار مشاكل نفسية صعبة بين الحين والآخر، فهي تعتقد أنها حمل ثقيل على شقيقتها المتزوجة وعائلتها، ولكن في المقابل لا يوجد لها سبيل سواها؛ ليعينها على متابعة حياتها، فشقيقتها تحاول جاهدة لتوفير كل شيء يسعى لخدمتها وراحتها الخاصة والعامة.

وأضافت: “شقيقتي مرام تهتم بي كثيراً وتحرص على إسعادي دائماً، لكن برغم من حصولى على الثانوية العامة لا أستطيع تحقيق حلمي في دراسة التخصص الجامعي الذي أريد، فالظروف الاقتصادية الصعبة التي أعاني منها جعلتني أشعر دائماً بالعجز أمام طموحي، فتكاليف علاجي الشهرية تتعدى الـ250 دولاراً”.

الأطراف الصناعية ساعدت منار في ممارسة حياتها، فتستطيع تلبية احتياجاتها الخاصة بنفسها، وقضاء زياراتها الخاصة والعامة، ونزول الدرج وصعوده وتمشي قليلاً في الشوارع، ولكن هناك دائماً مَن يرافقها كشقيقها الأكبر.

لم تغفل منار عن تحقيق حلمها في الدراسة الجامعية ومتابعتها، وطموحها لم يقف إلى هذا الحد، بل كل يوم يكبر أكثر لتستطيع الوصول إلى هدفها.

هافنغتون بوست

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى