ميقاتي ينتظر… لا استقالة ولا اعتكاف

على رغم تصعيد «حزب الله» بما يُفرمل استقالة قرداحي أو إقالته، وبالتالي يمنع أي بادرة «حسن نية» من لبنان تجاه السعودية، إضافةً الى فرملة «الثنائي الشيعي» انعقاد مجلس الوزراء الى حين اجتراح حلّ لكف يد المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار أو تغيير مجرى رياح التحقيق بما تشتهيه سفن «الثنائي»، وعلى رغم اتخاذ «حزب الله» منحى تصاعدياً في كلا الملفين، ليس مطروحاً في هذه اللحظة السياسية على طاولة ميقاتي، لا الاستقالة ولا الاعتكاف. إزدحام نشاطاته ومواعيده في السرايا الحكومية ولقاءاته بالوزراء، دليل عملي الى أنّه مواظب على العمل وعلى متابعة عمل الوزراء، حتى لو فُرادى.

ولحلّ المشكلة مع السعودية، ما زال ميقاتي متمسكاً بالمبادرة التي طرحها والتي تقضي باستقالة قرداحي، وذلك ليس من عبث، بل من شبكة اتصالات توحي له أنّ هذه الخطوة بداية لخرق جدار الأزمة مع السعودية. وإذ أكد ميقاتي أنّه مستمرّ في العمل الحكومي على قدر المستطاع، فهو يعتبر أنّ انعقاد مجلس الوزراء أو حلّ الأزمة مع السعودية، ليسا من مسؤوليته وحده. وهو حدّد طريقة نزع الفتيل من خلال خطوة محددة وهي استقالة قرداحي، وهو كرئيسٍ للحكومة يقوم بما يجب أن يقوم به، ويعتبر أن على الأفرقاء الآخرين تحمُّل مسؤولياتهم أيضاً، فهناك مجموعة من المسؤولين عليهم أن يكونوا في هذا الأمر متكافلين ومتضامنين. وبالموازاة، ينتظر ميقاتي نتائج مساعي العاملين على خط بيروت – الرياض، من زكي الذي زار لبنان واستمزجَ الآراء ورصد المواقف وجمعها ومن المفترض إذا كان سيستكمل مبادرة الجامعة بخطوة أخرى أن تكون في اتجاه الخليج، الى زيارة وزير خارجية قطر للبنان المرتقبة الأسبوع المقبل، وما بين الزيارتين، هناك من يسعى أيضاً من الداخل والخارج الى رأب الصدع مع السعودية.

وعلى رغم الخلافات مع «حزب الله» في هذه الملفات الحيوية التي تعطّل عمل المؤسسات وتعكّر علاقات لبنان العربية، لن يدخل ميقاتي في مواجهة مع «الحزب»، بل يسعى الى خفض منسوب التوتر الداخلي، وبالنسبة إليه هذا أفضل من أي عنوان آخر لن يفيد لبنان في هذه المرحلة. وبالتالي إنّ عناوين الاشتباك ليست مطروحة لدى رئيس الحكومة، والعنوان الأساس الذي يحمله معيشي مرتبط بالقضايا الاجتماعية والأمن والاستقرار، ولن يطرح أي عنوان اشتباك لا داخلي ولا خارجي ويحرص على أن يكون هناك توازن بين الأمرين، وهو مع التهدئة وضدّ التصعيد في أي من الملفات.

وعلى رغم كلّ القنابل السياسية التفجيرية هذه، لن يستسلم ميقاتي ويخرج من السرايا الحكومية، بحسب قريبين منه، لأنّ الفراغ يعني دخول لبنان في منزلق خطير جداً، فالآن على الأقل هناك قرار من سلطة تنفيذية قائمة، حتى لو أنّها لا تجتمع، فالوزراء يعملون ويأخذون قرارات ويحضّرون الملفات التي تستوجب قراراً من مجلس الوزراء لتكون جاهزة لحظة السماح له بالالتئام. أمّا تحوُّل الحكومة الى تصريف الأعمال فيُسقط القرار التنفيذي، وأقلّ تداعياته ستكون مزيداً من انهيار الليرة مقابل الدولار، فرملة أي حلّ للكهرباء ووقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، عدا عن الموضوع الأمني الذي سيصبح «مجهولاً تماماً».

المصدر : راكيل عتيِّق – الجمهورية

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى