نعيم عبّاس : أنا صريح , ولا أريد أن أُستجوب

كان نعيم عبّاس، أمس، نجم جلسات المحكمة العسكريّة. من أصل نحو 20 جناية، كان لـ «أبو إسماعيل المقدسي» ثلاث دعاوى بتهم مختلفة كلّها متّصلة بجرائم إرهابيّة منذ مشاركته إلى جانب «فتح الإسلام» بمعارك مخيّم نهر البارد، مروراً بتفجير العبوات الناسفة وإطلاق الصواريخ، وصولاً إلى الجرم الأبرز: القيام بأعمال إرهابيّة بواسطة سيّارات متفجّرة.
لذلك، أصرّ رئيس «العسكريّة» العميد حسين عبدالله أن يكون عبّاس «مسك الختام». عند السّاعة الخامسة والنصف، توزّع العسكريون على الباب المخصّص لإدخال الموقوفين. لحظات قليلة، ودخل جمال دفتردار على كرسيّه المتحّرك. جرّ الموقوف كرسيّه ليمرّ عبّاس نحو القاعة.
كالعادة، رمى الرجل السلام على الموجودين، وراح يوزع ابتساماته. كان عبدالله يتلو الأسماء، وعبّاس يسترق النظر إلى جدول الأسماء الذي يحمله العسكريّ الواقف إلى يمينه. أسماء تحوّل بعضها إلى مجرّد ذكريات: سراج الدين زريقات وحسين الزهران وتوفيق طه ومحمد الأحمد وجمانة حميّد (التي لم تحضر الجلسات بعد إخلاء سبيلها) وغيرهم..
وما إن سمع «أبو إسماعيل» اسمه، حتّى تقدّم نحو المنصّة. لم يأتِ الرجل بجديد. جدّد مطالبه وبحزم: «طالما أنا موجود في (سجن) الريحانيّة، لا بدّي إمشي بالجلسات ولا بدّي استجوَب لا هون ولا بالعدليّة»، قبل أن يتبعها بكلمة: «أنا صريح.. ومن زمان هيك».
يريد «مرشد الانتحاريين» وجود معيار واحد للتعاطي مع «المُفجِّرين»، إذ يغضب لأنّ يوسف الدياب الذي «فجّر مساجد أهل السنّة موقوف في رومية، وأنا في الريحانيّة». كانت معادلة «أبو إسماعيل» واضحة: «شو الفرق بيني وبينو؟».
حاول رئيس «العسكريّة» أن يذكّر أخطر الموقوفين بأنه يُعطِّل الجلسات وهناك العديد من المدّعى عليهم منذ أكثر من ثلاث سنوات ينتظرون بتّ أمرهم بعد استجوابه، قائلاً: «كيف بدنا نحلّ الموضوع؟». ولكنّ ذلك، لم يفلح في تغيير رأي عبّاس الذي أشار إلى أنه يُصرّ على وكيلة الدفاع عنه المحامية زينة المصري أن لا تمشي الجلسات.
كاد الموقوف أن يرتبك قليلاً حينما أشار أحد المحامين إلى أنّ عباس يتعمّد تغيير المحامين بهدف تعطيل الجلسات، قبل أن يعود عبدالله ويسأله: «كم عدد المحامين الذين غيرتهم منذ توقيفك»، ليجيبه: «ثلاثة، ولكن تصرّفي مع الأستاذة زينة سيكون مختلفاً».

يشير ابن مخيّم عين الحلوة إلى أنّه «وكّل المصري، ولكنّه لم يتفاهم معها بعد، لأنّها لم تأخذ إذناً بمقابلته إلّا 5 دقائق». حينها تدخّل مفوّض الحكومة المُعاون لدى «العسكريّة» القاضي كمال نصّار قائلاً إنّ النيابة العامّة إمّا تقبل أو ترفض، لذلك «بلا تبريرات».
هذا ما توضحه المصري في حديثها لـ «السفير»، إذ تشير إلى أنه بسبب الإجراءات المفروضة في سجن الريحانيّة فإنها لا تستطيع أن تواجه موكّلها لوقتٍ كافٍ. وبالتالي، هي تسعى للحصول على إذنٍ بمواجهة أطول تمكّنها الاتفاق مع عباس على ملفّاته وما يتعلّق بها، خصوصاً أنّه ملاحق بـ16 دعوى، مشدّدة على «أنني حينما أتفق معه على كلّ التفاصيل، فسأحضر الجلسات المقبلة، ولن أتخلّى عن واجباتي».
في الخلاصة، انتهت الجلسات الثلاث بتعبير وكلاء الدفاع عن المدّعى عليهم عن غضبهم بسبب التعطيل المستمرّ، ثمّ أُرجئت إلى 20 آذار المقبل. ولكن لجمال دفتردار كلمة. اقترب على كرسيّه المتحرك من المنصّة وتمسّك بها بكلتا يديه، كي يصل فمه إلى المذياع الذي عمل أحد العسكريين على تقريبه منه.
ما يزعج عبّاس يزعج دفتردار: التوقيف في الريحانيّة. يقول المحكوم بتهمة الانتماء إلى «كتائب عبدالله عزّام» إنّه في دوامة بعد أن أبلغه أحد الأمنيين المسؤولين في السجن أن النيابة العامّة وافقت على أمر نقله والاعتراض لدى الدّرك، فيما الدّرك يقولون إنّ المشكلة هي لدى النيابة العامة.
وسرعان ما قاطعه ممثل النيابة العامة القاضي الذي أشار إلى أن المحكمة غير معنيّة بأمر للنقل، طالباً أن تتابع محاميته الموضوع.
«حاكموا المشايخ»
وفي «العسكريّة»، كان وسيم م. من بين قلّة من الذين يتلون فعل الندامة بعد اعترافه بأنه ذهب إلى قلعة الحصن السوريّة، حيث بايع أحد أفراد «فتح الإسلام» وليد البستاني الملقّب بـ«الشيخ ماجد»، إلى حدّ أنه أطلق النار على أحد الأشخاص الذين كانوا يشربون الخمر في طرابلس!
كلّ ذلك، تغيّر لاحقاً حينما شعر وسيم بأن ما يقوله هؤلاء لا يمتّ إلى الإسلام بصلة. في جعبته الكثير ممّا رآه بعينه المجرّدة من جرائم ترتكب باسم الدين في سوريا، وأشار إلى أنّ البستاني «كان يقتل بيديه ويسرق»..
بالأمس، وقف وسيم أمام «العسكريّة». لا ينكر أنّه أخطأ، إلّا أنّ ما يريده هو محاكمة رجال الدين أمثال الشيخ سالم الرافعي الذين حرضوه على الذهاب إلى سوريا والنحو باتجاه التشدّد.
وإذا كان رجال الدين قد لعبوا بأفكار وسيم الذي اقتنع بـ «الجهاد»، فإنّ لمحمد س. أسبابه الخاصة، إذ إنّ الشاب السوري الذي أجبر على الانضمام إلى «داعش» حينما كان في مدرسته في الرستن ثمّ هرب إلى لبنان، خطرت له فكرة العودة إلى التنظيم عندما قرّرت حبيبته التي تدعى رزان أن تتركه!
ولم يكتف الشاب بذلك، بل حاول أيضاً إقناع صديقه بالذهاب معه، «لأنه لم يعد أمامي أي حلّ بعد أن تركتني رزان»!
ونفى الاثنان أثناء استجوابهما أمس ميلهما إلى أفكار «داعش».

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى