مَنْ قال إنّ الحكومة مُعطّلة؟

لا شكّ أن ملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت أرخى بثقله الكبير على الحُكومة وساهم في تأجيل انعقاد جلساتها، إلا أنه ثمة من يظنّ أنّ التعقيدات المرتبطة بالملف قد أدت إلى فرملة العمل الحكومي وإدخاله “الموت السريري” في حين أن البعض اعتبر أن الحكومة دخلت مرحلة “تصريف الأعمال”.

عملياً، فإن هذه النظرية صنيعة غرفٍ سوداء بالدرجة الأولى، ويكمُن الهدف من ورائها في إطلاق النار على الحكومة وتقويض مساعيها الرامية لوضع لبنان على سكّة التعافي الاقتصادي والمالي.

وفي إطار الواقع الواضح، فإنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بات واضحاً في مساره، إذ يعتمدُ على قاعدة عدم ضرب التوازنات والتخفيف من حدّة الخلافات والتعاون مع الجميع من دون استثناء. وهنا، فإن الرهان على استسلام ميقاتي عند أول مُنعطف كان خاسراً، والدليل الأكبر هو أن آلية العمل الحكومي قائمة ومستمرة رغم أن جلسات مجلس الوزراء لن تُقام في الوقت الراهن والتأجيل ما زال يحكمها.

ومن يُراقب ويتابع حركة السراي الحكومي، إنّما يستنتجُ أمراً أساسياً: الحكومة غير مُعطّلة والاجتماعات الوزارية مستمرة وقائمة. اللجان الوزارية تجتمعُ دوماً، والوزراء يحضرون إلى السراي ويقدمون الخطط المتعلقة بوزاراتهم، كما أن اللقاءات تُعقد باستمرار، ورئيس الحكومة ينشطُ يومياً واجتماعاته مع ممثلي صندوق النقد الدولي قائمة ومع سفراء الدول مستمرة.

أما النقطة الأبرز فهي تتعلق بوزراء الثنائي الشيعي، إذ قيل أنهم بصدد تعليق مشاركتهم بالحكومة بسبب ملف انفجار المرفأ، لكن في حال كان ذلك واقعياً، لكان هؤلاء الوزراء تغيبوا عن اجتماعات السراي الحكومي. غير أن آخر اجتماع للجنة معالجة تداعيات الأزمة المالية على سير المرفق العام، كان يشهدُ حضور وزراء الثنائي الشيعي مثل وزير المالية يوسف خليل، وزير العمل مصطفى بيرم، وزير الأشغال العامة والنقل علي حميّة. وهكذا يصبح السؤال مشروعاً: من قال إنّ الحكومة مُعطّلة؟

ما يحصلُ في السراي هو تحضيرٌ للملفات المرتبطة بالوزارات، فكلّ وزير يقدم الدراسات المرتبطة بوزارته ويطرحُ مقاربته لمعالجة الأمور وخطة العمل المرتبطة به. وبعد ذلك، فإن عقد جلسات مجلس الوزراء سيكون مبنيا على أساس تلك الملفات والدراسات، وستكون الأرضية مُناسبة أمام المجلس لمناقشة كل ملف على حدة والتصويت عليه باعتبار أن الصورة ستكون واضحة.

أما على الصعيد السياسي، فإنه ما من مصلحة أي جهة أو فريق بضرب الحكومة، كما أن سيناريو عرقلة عمل مجلس الوزراء ليس وارداً لدى أحد. فميقاتي حاسمٌ بهذا الأمر ودعم الحكومة ضروري واساسي من أجل استمراريتها خصوصاً أن الاستحقاق الانتخابي بات قريباً. وعليه، فإنّ أي تعاطٍ سلبي مع الحكومة سيرتدّ بشكل سيء على الناس وعلى الاقتصاد، والأطراف السياسية بحاجة إلى ترميم الأوضاع قبل الانتخابات لأن معركة الفوز بها حامية وقاسية، وأي انحدارٍ إضافي سيُكلف الكثير.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى