الحريري يطالب باعتذار علني مباشر….كلام عالي النبرة ولا عودة للوراء.. التسوية سقطت؟

ذكرت صحيفة “الجمهورية” أنّه في موازاة صمت رئيس الجمهورية الواضح حيال الأزمة المستجدة، وإنْ كانت مصادره تعكس استياءَه من ‏الشعارات والهتافات التي اطلِقت ضده، وتجاوَزت البعد السياسي الى الشخصي، بدا أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري قد آثر الصمتَ ايضاً، ‏فيما استشعَر رئيس الحكومة سعد الحريري خطورةَ الأزمة فبادر الى زيارة سريعة للقصر الجمهوري، في ‏محاولة منه لصبّ الماء البارد على الفتائل المشتعلة، وفكفكةِ صواعقها، وتردّد انّه أوفد في الوقت نفسه وزير ‏الداخلية نهاد المشنوق الى وزارة الخارجية للقاء باسيل، ومن ثمّ الى عين التينة للقاء بري. ولم تخرج هذه ‏الاتصالات بأكثر من تصلّبٍ في الموقف‎.‎

وعلمت “الجمهورية” انّ الحريري، تواصَل هاتفياً بعد خروجه من قصر بعبدا مع الوزير علي حسن خليل، مُبدياً ‏رغبته في معالجة هذه الأزمة ولملمةِ الموضوع وتبريدِ الأجواء لِما فيه خدمة البلد واستقراره. ولم يشِر الى ‏ايجابيات حول لقائه مع رئيس الجمهورية‎.‎

وبحسب المعلومات، فإنّ نبرة الحديث خلال المحادثة الهادفية كانت عالية بعض الشيء، حيث أُبلغ الحريري فيها: ‏‏”لا احد يُصغّر هذه المسألة، أو ما جرى، فالمسألة ليست صغيرة بل كبيرة جداً، ولا تُحَلّ على طريقة تبويس ‏اللحى، وبداية الحلحلة هي في تقديم باسيل اعتذاراً علنياً مباشراً من اللبنانيين‎”.

وتشير المعلومات الى أنّه بعد مضيّ فترة قصيرة على هذا الاتصال، أوفَد الحريري مدير مكتبه نادر الحريري ‏للقاء خليل، الذي اكّد التمسّكَ بالاعتذار قبل كلّ شيء، وأسمعَه ايضاً كلاماً عاليَ النبرة والمضمون مفادُه: “لا احد ‏يعتقد انّ هناك امكانيةً في البلد لقيام ثنائيات، أو لتجاوزنا، ومن يعتقد بوجود ذلك فهو مخطئ كثيرا‎”.

وبدا من أجواء عين التينة أنه في ظلّ عدم مبادرة باسيل الى الاعتذار، فإنّ الامور مفتوحة على كلّ الاحتمالات، ‏وباب الخيارات ايضاً. في وقتٍ اعرَبت مصادر سياسية عن اعتقادها انّ هذا الجو المتأزم ستصيب شظاياه ‏الجميع، ولن يكون العهد بمنأى عن التداعيات، وكذلك الحكومة التي ستتأثّر حتماً بما يجري، ربّما بلجوءِ اطرافٍ ‏سياسية الى مقاطعتها أو حتى الاستقالة منها. ولم تنفِ المصادر او تؤكّد إنْ كان وزراء “أمل” في هذا الوارد‎.‎

وقالت مصادر عين التينة لـ”الجمهورية”: “الوصول الى ايّ تسوية الآن بات على عاتقِ قواعد جديدة، وإنّ ‏معادلات السابق كلّها سقطت”. واعتبَرت “أنّ الحديث عن شدّ العصب في الشارع هو تسطيح وتسخيف لِما ‏حصَل، فالمسألة باتت اكبرَ بكثير، إنّ استحضار لغة التحريض وافتعال هذا الجوّ التوتيري بشكل مفاجئ بعد هدنةٍ ‏اعلامية بين “التيار” و”أمل” ولو كانت هشّة لا يمكن تفسيرُه إلّا نيّاتٍ لتطيير الانتخابات، لكن اكّدنا لكلّ مَن ‏تواصَل معنا أنّنا بِتنا مصرّين على إجرائها في موعدها اكثر من ايّ وقت مضى‎”.

وقالت: “واهمٌ من يعتقد انّ ما جرى سيمرّ مرور الكرام، وخطواتُنا ستعلَن في حينه، ولا قرار على مستوى ‏الحكومة، وكلّ شيء في أوانه”. ونفت المصادر ان يكون “حزب الله” قد تدخّلَ او اطلقَ ايّ وساطة للتهدئة بين ‏‏”أمل” و”التيار” في الساعات الماضية التي سبقت كلام باسيل، وقالت: “إذا اتّصل بنا كيم جونغ اون، يكون قد ‏اتّصل بنا أحد من “حزب الله” لهذا الغرض، وقرار التهدئة لم يكن سوى طرحٍ وهمس بين الفريقين”. وأكّدت ‏المصادر انّ الخطوات اللاحقة ستُعلَن في وقتها‎”.

وإذا كان الجوّ المتأزم قد أثارَ علامات استفهام في أوساط سياسية مختلفة حول مصير الانتخابات، مع ترجيح ‏بلوغِ الوضع الى حدّ مِن التفجّر يؤدي الى تعطيلها، وهو امرٌ استبعده خليل، الذي قال لـ”الجمهورية”: “واهمٌ مَن ‏يعتقد انّ هذه المسالة ستمر مرورَ الكرام، قد يكون هناك من يعمل لتعطيل الانتخابات، وقد يكون من يفترض انّ ‏هذه الأزمة ستؤدي الى تطييرها، فإنّ موقفنا واضح بأنّ هذه الانتخابات يجب ان تحصل، وستحصل‎”.

وغاب “حزب الله” عن خطّ الوساطة، إلّا أنّه حضَر على خط التضامن مع بري في بيان أعلنَ فيه رفضَه المسَّ ‏بالرئيس بري من ايّ كان‎. وقالت مصادر “حزب الله” لـ”الجمهورية: “لم يعد ينفع النأي بالنفس وسقَطت كلّ الوساطات بعد كلام باسيل، فما ‏حصَل لم يكن في الحسبان، والتعرّض للرئيس بري خط أحمر‎”.

وعلمت “الجمهورية” أنّ أطرافاً سياسية أجرَت تقييماً لِما قاله باسيل في الشريط المسرّب من لقاء البترون، ‏فلاحظت انّ اللقاء لم يكن ضيّقاً، بل كان موسّعاً ومتاحاً فيه التسجيل، وأنّ ما دفعَ بري الى الاستياء ليس فقط ‏وصفه بـ”البلطجي” والتوعّد بـ”تكسير رأسه” على حدّ ما قال وزير الخارجية، بل المضمون السياسي الخطير ‏لهذا الكلام، الذي كشفَ النظرةَ الحقيقية لمفهوم المشاركة وكيفية كسرِها، وهنا الكلام ليس موجّهاً الى بري، ‏فالحديث عن “الذين صادروا خلال 25 سنة” وعن الاقتصاد وما الى ذلك، ليس مع بري، بل مع الذين حكموا البلد ‏خلال هذه الفترة، اي الرئيس رفيق الحريري‎.

في المقابل، بدا أنّ “التيار” قد بنى تحصيناته الدفاعية في وجه الهجوم العنيف على رئيسه ومطالبته بالاعتذار. إلّا ‏أنّ أوساطه أكّدت لـ”الجمهورية” الرفضَ القاطع لإقدام باسيل على الاعتذار‎.

الجمهورية

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى