الصيادلة في خطر، نقابتهم في سبات وتصريح لوزارة الصحة ‘يصبّ الزيت على النار’

المساءلة، الملاحقة، الحساب. ثلاثة خطوات أساسية يجب. أن تُدرّس لوزرائنا والمعنيين بحياتنا وسلامتها. ربما عمق مشاكلنا في هذا البلد الأشبه بجهنّم هو عدم المحاسبة، كل ما يحل بنا يحل دون حسيب أو رقيب، حتى أننا فقدنا الثقة باسترجاع حقوقنا لأننا على يقين أن لا احد بخدمة الشعب، ولا أحد مستعد أن يحرك اصبعًا لحمايتنا.

مشكلة وأزمة جديدة ولا جديد على دولتنا القوية. منذ أشهر بدأت الصرخات تعلو بانقطاع الأدوية وشحّها في الصيدليات، تلك التي بدأت تتحمل أول أشكال الفوضى في البلاد. فمنذ عام تقريبا، شهدت احدى صيدليات شويفات الصغيرة عملية مسلحة أسفرت عن سرقة بعض الادوية والمال دون وقوع خسائر بشرية، وطبعا مرّ هذا الخبر مرور الكرام كما تمر كل الجرائم والمشاطل والكوارث. أعلى من صرخة المواطنين كانت صرخة الصيادلة أنسفهم، اذ ناشدوا وزير الصحة مرارًا وتكرارًا مطالبين بملاحقة وكالات وشركات الادوية والمستودعات التي لم تسلّم الصيدليات الّا كميّات قليلة جدًّا لا تكفي ربع الزبائن. نأخذ البنادول مثلا، اعتمدت الشركة تسليم ٣٠ علبة للصيدليات، وبحسب احدى الصيادلة فإن هذه الكمية تباع بنصف الساعة، لتقضي هي اسبوعين في وجه الزبائن الغاضبة تتحمل منهم شتائم وغضب مجبرة ومتعاطِفة معهم. الصرخات التي علت منذ أشهر سمعتها وزارة الصحة منذ أيام، فتحركت! وبعد أشهر استنتجت وزارة الصحة أن لا نقص في الأدوية في المستودعات فصرّح مستشار وزير الصحّة الدكتور رياض فضل الله قائلا بأن بعد ايعاز من وزير الصحة حمد حسن تحرك التفتيش الصيدلي ليتبين ان لا انقطاع في الأدوية انما هناك صيدليات تخزّن كميات منها. هذا التصريح لا يعود على أحد بخير، خاصة أن الصيادلة من دون هذا التصريح يواجهون غضب وعنف المرضى “الذين لا ذنب لهم بمعرفة ما يحصل، هم يريدون ادويتهم فقط” حسب تعبير احد الصيادلة. فكيف بعد تحميلهم كاما المسؤولية بتصريح رسمي من وزارة الصحة؟

في حديث لموقعنا مع احدى الصيادلة تخبرنا نور بأن أحد أكبر المشكلات هو التفرقة بين الصيدليات، أي ان الصيدليات الكبيرة والمدعومة حزبيًّا تستلم جميع الادوية وبكميات كبيرة جدًّا، تاركين الصيدليات الصغيرة بكميات لا تكفيهم يومًا واحدا وهو ما يشكل أزمة ثقة عند زبائن الصيدليات الصغيرة، مشككين أن اصحاب هذه الصيدليات يخبئون الادوية لاحتكارها لاحقا واللعب بأسعارها، فيأتي تصريح الوزارة ليؤكد ما ليس صحيحا “فيصب الزيت على النار”.

تقول نور أيضًا أن احدى شركات الادوية ادّعت انقطاعه ولم تسلمها منه، لتعود بعد فترة وتسلمها كمية صغيرة تنتهي صلاحيتها في منتصف هذا العام، أي ان الدواء قد صنع منذ فترة ليست بقريبة ولم يكن مقطوع! تبرر نور هذا بأن الشركات والوكالات الكبيرة تخبئ أدويتها حتى تبيعها بأسعار أغلى لاحقا، وتقول متأسفة أن ارواح العالم باتت لعبة تجارية وفرصة لمراكمة الثروات. وهذا الشح والبخل في توزيع الادوية يحتّم على الصيادلة ترك أدويتهم لزبائنهم الدويمين، وهذا ايضا ما تعتبره نور تجارة لكنهم مُجبرين على ذلك.

في منشور لأحد الصيادلة الصغار يقول هيثم أن اكثر من ٣٠٠٠ صيدلي مستعدون لمواجهة الوزير بتسجيلات صوتية للوكالات والشركات الكبيرة وفواتير تؤكد أن الاحتكار ليس عمل الصيدليات بل المستودعات! وهو يحمل مسؤولية ما ستؤول اليه الامور من عنف وفوضى ستحل بالصيادلة وصيدلياتهم الى وزير الصحة الذي اتخذ موقفا الى جانب المستودعات والشركات الكبيرة! وفي حديث مع هيثم ينتقد نقابة الصيادلة مازحًا بأنها سترد “في الزمان والمكان المناسبين” بعد ان تستفيق من سباتها، فالنقابة ورغم الظلم الذي يتعرض له الصيادلة والضرر الجسدي والمعنوي والمادي الذي سيُلحق بهم، لم ترد على التصريح ولم تتحرك.

العصابات ليست بضعة رجال يلبسون الأسود ويتجولون ليلا في الأحياء المخيفة، العصابات عالم ترتدي البدلات والفساتين لديهم وظائف ومراكز اجتماعية مرموقة حصلوا عليها بعد أن قبضوا بفسادهم على أرواح الشعب المسكين. والدولة؟ لا حياة لمن تنادي.

المصدر : القناة الثالثة والعشرون

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى