عيتاني.. والأربعون قاضي!..بيروت التي توّجتهُ بطلاً لم يعد يتّسع قلبها له

لم تكد تهدأ عاصفة توقيف الممثل المسرحي زياد عيتاني في عطلة نهاية الأسبوع حتى هبّت من جديد عبر البرامج الإجتماعية على بعض محطات التلفزة. قضية “عيتاني” شكّلت من حيث التوقيت مادة دسمة لهذه القنوات وبرامجها التي لا تفوّت فرصة لطرح أي موضوع يُعتبر حديث الساعة، فأضحت قضية الإعتقال والتحقيقات التي تلتها، باباً لتسجيل النقاط بين برنامجي “هوا الحرية” و “للنشر” بحيث أصبح الحصول على محاضر التحقيق وإلقاؤها علانية أمام الملايين من المشاهدين، أحد أهم مفاتيح السّبق الصحفي والإنجاز الإعلامي الذي تتنافس عليه هذه البرامج مباشرة على الهواء، وهو بالمناسبة أمر يُعتبر مخالفاً للقانون ويندرج تحت بند خرق سرية التحقيق خصوصاً في جريمة كبرى كجريمة خيانة الوطن.

وبالتزامن مع عرض المزايدات الإعلامية المتلفزة، برزت الألغام المتناقلة على مواقع التواصل الإجتماعي والتي تعتبر منبراً لا يخضع للرقابة المطلوبة حيث تضجّ الشائعات بقوة والتي كان آخرها نشر صورة الممثلة “الإسرائيلية” Gal Gadot بطلة فيلم <>، الذي تمّ منع عرضه في لبنان، على أنها الضابطة المشغلة لزياد عيتاني والتي قيل بحسب اعترافاته بأنها تدعى “كوليت فيانفي”. لغمٌ أصابت شظاياه خط الدفاع الأول لإحدى الصحف العريقة التي وقعت في فخ النّسخ العشوائي نقلاً عن بعض الناشطين عبر تبنّيها صورة الممثلة متصدّرةً صفحتها الأولى!

وبالعودة الى قضية “عيتاني” فقد شكّل خبر توقيفه صدمة لدى الشارع اللبناني الذي عرفه و خبره من خلال أعماله الفنية البسيطة التي تحاكي المواطن وتلامس مشاعره، فانقسم الشارع بين مُدين لزياد وبين آخر يدعو إلى التروّي وانتظار حكم القضاء على الرغم من اعتراف زياد بالتُّهم المنسوبة إليه بحسب بيان جهاز أمن الدولة، وقد تمّ فيما بعد تسريب معلومات جديدة من داخل أروقة التحقيق كان قد أدلى بها عيتاني للضابطة المشغلة يتحدث فيها عن أسماء ناشطين و إعلاميين، دون معرفة الغاية من ذكر أسمائهم. وقد غرّد ناشطون مطالبين بإنزال أقصى العقوبات بحق عيتاني رافضين تبرير العمالة تحت أي ظرف أو مسمّى، بينما ساد التهكمّ في تغريدات أخرى لا سيّما في أوساط الناشطين والإعلاميين المناوئين لحزب الله، والتي اعتبرت في أغلبها بأن عيتاني ضحية، وقد ذهب البعض إلى التشكيك في أصل التحقيقات وفي بيان أمن الدولة.

في المحصلة فإنّ زياد الذي كانت بيروت قد توّجتهُ بطلاً منذ إنطلاق مسرحيّته << بيروت الطريق الجديدة>> والتي أضحكت الآلاف من الناس، لم يعد يتّسع قلبها له، وأبناء بيروت الذين استطاع إبهارهم ببراعة أدائه منفرداً على مسارح العاصمة، إنقلبت ضحكاتهم إلى دمعة وخصوصاً الأصدقاء والمقرّبين منه، حيث علّق المخرج المسرحي ورفيق زياد في مسيرته “يحي جابر” عبر حسابه على فايسبوك أنّه “لا نأي بالنفس لمتعامل مع إسرائيل” وقال إنّه “حزين مصدوم ومخدوع”، ويُذكر أن “جابر” كان قد رافق زياد في مسيرته لمدّة طويلة حتى التصق اسمهما في آخر عملين لهما معاً “بيروت الطريق الجديدة” و “بيروت فوق الشجرة”. وأضاف الناشط “عماد بزّي” صديق زياد: “كان صديقاً وزميلاً وممثلاً بارعاً جداً، صراحة دوره الأخير يستحقّ عليه الأوسكار”.

من وجهة نظر اللبنانيين، فإنّ زياد عيتاني الذي دافع عن بيروت وتغنّى حبّاً بها من خلال أعماله على خشبة المسارح، تآمر – بحسب اعترافاته- على إسقاط بيروت من فوق الشجرة. وتجدر الإشارة الى أن الستارة لم تُسدل بعد على على ملفّ التحقيقات في قضية العمالة الموجّهة ضدّه، بحيث يبقى زياد مُشتبهاً به الى حين انتهائها، إنّما يبدو أنّ محكمة الشّعب قد أصدرت حُكمها قبل المداولة.

المصدر: (للكاتبة ايناس كريمة – لبنان 24)

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى