“واشنطن بوست”: الأسد باقٍ لأجل غير مسمّى.. هذه خطّة موسكو في الشرق الأوسط

انتقدت صحيفة “واشنطن بوست” الرئيس الأميركي دونالد ترامب كونه يخلي منطقة النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط شيئاً فشيئاً لروسيا، مشيرة إلى الدور الروسي الكبير في تسوية النزاع بسوريا، وهي التسوية التي وجدت، وبشكل غريب، ترحيباً كبيراً من قبل ترامب.

ومن المقرر أن يتم الثلاثاء عقد جلسة جديدة من المباحثات بشأن سوريا تحت إشراف الأمم المتحدة وذلك عقب مؤتمرات استضافتها روسيا والمملكة السعودية الأسبوع الماضي، وأيضاً محادثة هاتفية مطولة استمرت لساعة كاملة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترامب.

البيانات العلنية والإحاطة التي قدمت حول ما جرى خلال تلك المحادثات بقيت متناقضة ولكنها قدمت صورة واحدة وبسيطة وبليغة على أن الدعم الروسي الكبير للأسد خلال الصفحة العسكرية سيستمر دبلوماسياً.

وتناولت الصحيفة صورة استقبال بوتين للأسد في موسكو، مؤكدة أن الصورة كانت تقدم شرحاً بليغاً للدور الروسي وهي أن موسكو نجحت من إنقاذ الأسد من هزيمة عسكرية وأسهمت في تحقيقه سلسلة من الانتصارات على المعارضة المدعومة من الغرب خلال العامين الماضيين.

كما أن الاجتماعات التي احتضنتها روسيا بعد استقبال الأسد، تؤكد مجدداً على أن دبلوماسية موسكو عقب النصر العسكري ستركز على بقاء الأسد في السلطة إلى أجل غير مسمى، مما سيوفر منصة جديدة لروسيا في الشرق الأوسط وتهميش أكبر لأميركا. ولسوء الحظ، تقول “واشنطن بوست”، إن الأكثر سعادة بمشروع روسيا الداعم للأسد هو ترامب، رغم أن هذا المشروع الروسي سيعزز من نفوذ إيران في سوريا.

ترامب وعقب اتصاله مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبدى حماسة لدعم المشروع الروسي في سوريا، الذي ينص على مفاوضات بين الأسد والمعارضة من أجل وضع دستور جديد، وهو مشروع ساندته أيضاً تركيا وإيران، بينما أسهمت السعودية في دعمه من خلال عقد مؤتمر موسع للمعارضة السورية بالرياض استبعدت خلاله كل الأطراف السورية المعارضة التي رفضت قبول استمرار الأسد بالسلطة.

مسؤولون في إدارة ترامب قالوا إن بوتين تعهد بإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة في نهاية المطاف بمشاركة جميع السوريين بما في ذلك نصف السكان النازحين الذين شردتهم الحرب.

ولكن لو أن انتخابات حرة ونزيهة ستجري فلن يكون هناك مكان للأسد وهو ما تدركه أيضاً موسكو، لذا فإن موسكو وطهران لن تقبل إتمام الخطة والسير بها إلى النهاية.

البنتاغون يسعى إلى الحفاظ على النفوذ من خلال هذه العملية السياسية التي يرى فيها أنها ستوفر له بقاء أطول لدعم القوات الكردية العربية المشتركة الموجودة في شمال سوريا، التي تسيطر على الحقول النفطية الرئيسية في البلاد، في وقت وعد ترامب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه سيوقف شحنات الأسلحة الذاهبة للقوات الكردية، وهو التصريح الذي شكل مفاجئة لفريق الأمن القومي الأميركي.

يمكن القول إن بوتين سيفشل في إقامة مستوطنة روسية في سوريا على الرغم من ضعف المعارضة وانعدام التعاون مع أميركا وهو ما يفسر تأجيل مؤتمر كان يأمل أن ينظمه بوتين في سوتشي في وقت لاحق من هذا الأسبوع لمناقشة المقترحات الدستورية، حيث أن المعارضة السورية رفضت ذلك وفضلت التفاوض في جنيف، في حين اعترض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مشاركة الأكراد.

ولكن رغم هذا الفشل الذي يبدو أنه فشل مبكر لجهود بوتين، إلا أن الأكيد أن روسيا حلت محل الولايات المتحدة في الوقت الحالي كقوة لتسوية أهم نزاع في الشرق الأوسط، كما أن ترحيب ترامب بهذا الدور الروسي بعد السجل الكارثي لسلفه باراك أوباما في سوريا، سيؤدي إلى تسارع انهيار القيادة العالمية الأميركية.

(واشنطن بوست – الخليج أونلاين)

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى