الجرّاح مارتن مكاري يفضح أسرار المستشفيات

ينتظر العالم دائماً أولئك الأشخاص الذين يُحدِثون خرقاً في الحياة العامة، سواءٌ من خلال فكرة أو كتاب أو حركة إصلاحية أو ربّما من عمل فنيّ فريد. ومن بين هؤلاء الأشخاص الجرّاح الأميركي مارتن مكاري الذي كرّس حياته للطبّ ولحماية حقوق المرضى، من خلال عمله كطبيب وكمؤلّف كتب، كان آخرها “Unaccountable” الذي يفضح ما لا تقوله المستشفيات للمرضى، وكيف يمكن للشفافية أن تُحدِث ثورة في عالم الرعاية الصحّية.
زار الجرّاح الأميركي مارتن مكاري لبنان هذا الأسبوع، وكان له لقاء مع الأطباء والمرضى والصحافيين أيضاً في “مركز كليمنصو الطبي” (CMC)، حيث خصّهم بجلسات خاصة يشرح فيها نهجه الطبّي وتفاصيل كتابه “Unaccountable” (غير مسؤول).

مارتن “مارتي” ماكاري هو جرّاح أميركي، وخبير السياسة الصحية في مستشفى “جونز هوبكنز”. كتب مقالات عدّة في أعرق الصحف الأميركية، منها “وول ستريت جورنال”، “يو أس أي توداي”، “تايم”، “نيوزويك”، و”سي إن إن”.

يمارس مكاري جراحة الأورام وجراحة المناظير المتقدّمة في مستشفى “جونز هوبكنز”، ويدرّس سياسة الصحة العامة في كلية “بلومبرغ” للصحة العامة في جامعة “جونز هوبكنز”. وهو مشهور بأنه خبير في مجال الرعاية الصحية المبتكرة، وعلوم قياس الجودة، والفوارق في الصحة العامة. وقد تمّت تسميته واحداً من أكثر الناس تأثيراً في مجال الرعاية الصحية في أميركا.

وفي حديث لـ”الجمهورية”، شرح الدكتور مارتن مكاري عن فلسفته الطبّية، داعياً إلى المزيد من الشفافية في مجال الرعاية الصحية، وقال إنّ نقابات الأطباء والجمعيات الطبية هي الجهات المخوّلة لتحديد مقاييس جودة الرعاية الصحية وتأييدها، وهو من أشدّ الداعين إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية في أميركا والعالم، خصوصاً أنّ عدداً كبيراً من زملائه الأطباء يخبرونه عن أطباء يجرون عمليات جراحية لمرضى لا يحتاجون لها، لأنهم يشعرون بالحاجة لأن يكونوا تنافسيّين فيسعون إلى كسب المال بدل إجراء ما يلزم لمصلحة المريض.

والدكتور مكاري، الذي مارس الطب والجراحة في أبرز المستشفيات الاميركية، هو خير شاهد على قدرة الطب الحديث على معالجة الناس من أخبث الأمراض. لكنه كشف أنه كان شاهداً أيضاً على ثقافة طبّية تترك بشكل روتيني معدات جراحية داخل المرضى، تبتر الأطراف الخاطئة، تعطي جرعات زائدة للأطفال بسبب خط يد الطبيب غير المقروء.

ويقول مكاري إنّ النظام الصحي غامض بالنسبة للمريض، والأطباء والمستشفيات لا تتمّ محاسبتهم على أخطائهم، وغياب الشفافية يترك كلّاً من الاطباء الفاسدين والعيوب النظامية على حريتهما.

ويرى مكاري أنه يجب على المريض أن يعرف ما يعرفه العاملون في مجال الرعاية الصحية، حتى يتمكّن من اتّخاذ الخيارات الواضحة. معتبراً أنّ المساءلة في مجال الرعاية الصحية تكشف الأطباء الخطرين، تكافئ الأداء الطبي الجيد، وتفرض التغيير الإيجابي في المجال.

ولا يخفي الدكتور مكاري إعجابه بالأطباء المتخرجين حديثاً، الذين لا يشعرون بالخوف من الأطباء المتمرسين، ولا يفكرون سوى في مصلحة المرضى وبنظام رعاية صحية شفّاف ومسؤول. حتى وإن كان كتابه يكشف بعض التجاوزات في عدد من المستشفيات وعلى يد بعض الأطباء الفاسدين، يرى مكاري أنّ غالبية الأطباء ما زالوا أبطالاً والمستشفيات لا زالت مؤسسات محترَمة.

ويكشف مكاري أنّ الهدف من كتابه ليس خلق حال هلع بين الأطباء والمستشفيات، وإنما الهدف منه زيادة وعي المرضى حول حقوقهم الصحية، ودفعهم إلى طرح المزيد من الأسئلة ومعرفة تفاصيل حالتهم الصحية، حتى لا يخضعوا لأيِّ إجراء طبّي أو جراحي ربما قد لا يكونون بحاجة إليه.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى